عبرة مفيدة : اي كلمة قبل ان تموت ؟

سأل القس الذي يحمل الكتاب المقدس بيديه بصوت هادئ وجاد "اي كلمة قبل ان تموت ؟ " وجه ذلك السؤال الى الشاب الذي يجلس على كرسي الاعدام منتظرا الموت .
كانت غرفة صغيرة مظلمة ذات باب زجاجي يطل على مجموعة اشخاص يشهدون الطريقة التي يموت بها المجرمون - الاعدام بالكرسي الكهربائي - .
شرطيان يقفان بجوار الكرسي الكهربائي على كل جانب والشخص الذي يقوم بالعملية - الاعدام - يلبس سترة بيضاء ويقف مقابلا للشاب .
كرر القس السؤال مرة اخرى ولكن بصوت اعلى "اي كلمة قبل ان تموت ؟ " نظر اليه الشاب بعينيه الزرقاوين الواسعتين وابتسم بصورة تظهر اسنانه جزئيا
وردد بصورة ساخره " كلمة قبل ان اموت ... اممم لنر .. لا اعلم .. لا تقتلوني " واطلق ضحكة بصوت خافت حدق به القس وقد ارتسمت على وجهه نظرات الغضب
واغلق كتابه المقدس وأردف "من غير اللائق ان تستهزء بالموت ايها الشاب " تبدلت نظرات الشاب الى القس من الاستهزاء الى الجدية وقال " لست خائفا من الموت "
صمت الشاب قليلا ثم تابع " يريد ان يأخذني الموت ؟ .. ليأخذني لا اهتم .. في الواقع انا اريد ان اغادر هذا المكان البائس " اطلق القس تنهيدة خافتة واردف " كان من الممكن ان يكون
عالما جميلا لو لم ترتكب جريمتك البشعه تلك
 " رفع الشاب رأسه واخذ ينظر الى الناس خلف الباب الزجاجي - كانت وجوها يعرفها - هنالك على الجانب الايمن صديقه الحميم منذ الطفولة
وهنالك في الوسط جارتهم السيدة "فيتزجيرالد " اعز صديقة لوالدته وهناك على اليسار السيد العجوز " بيركلي " الشخص الذي علمه كل شيء عن الحياة
الجميع بعيون مغرورة بالدموع ينظرون اليه بنظرات خيبة واندهاش من ان كل هذا الاجرام قد ينتج عن هذا الشاب ذو الوجه الشاحب
التفت الشاب الى القس وقال " لو لم ابلغ الثامنة عشر بالامس لكنت في سجن الاحداث اتعفن هناك الان " وصمت قليلا ومسح على شعره البني الغامق المتقصف بيده اليمنى وعلامة حرق على راحة يده وتابع القول " ولكن هذا لا يهم الان .. المهم انني سأموت الان وسأرتاح اخيرا من هذا الجحيم " واطلق ضحكة بصوت واطئ وخفض رأسه الى الاسفل مرة اخرى
بدأ الشرطيان يفتحان الاصفاد التي تربط قدميه شيئا فشيئا ومن ثم فتحوا الاصفاء التي تربط يديه فأخذ الشاب يمسح على رسغة بقوه ويطلق تنهيدات الم قائلا " سيحين الوقت اخيرا "
تعجب الجميع لموقف ذاك الشاب وكيف انه يبدو غير خائف تماما من الموت بطريقته المتعجرفة تلك , بعد لحظات ابتسم الشاب مرة اخرى واردف " هيا يا رجال .. أأنتم جاهزون لقتلي ؟ "
وفجأة وقعت عيناه الواسعتين على امرأة متوسطة الطول تقف على الزاوية اليسرى للباب الزجاجي ووجهها قد غرق بدموعها ,منديلها الابيض بيديها وهي تمسح به دموعها بلا انقطاع ,
في اللحظة التي وقعت فيها عيون تلك الشاب على تلك المرأه قد شحب وجهه اكثر وبهتت وتبددت ابتسامته المتعجرفه من على وجهه وبدات عيناه بالاحمرار مما يدل على بداية البكاء
فنهض من مكانه بسرعه واتجه الى الباب الزجاجي فسار بأتجاه المراة المتوسطة العمر بخطواته المسرعه فضرب بيديه على الباب الزجاجي حتى صار لا يفصل شيئا بينهما سوى الباب ثم اردف الشاب بقوة قائلا " ماذا تفعلين هنا ؟ .. لا يجب ان تكوني هنا الان .. هيا غادري .. غادري " وقع تلك الكلمات قد ترك صداه في اذان جميع النفوس التي تواجدت
في ذلك المكان المظلم ولكن لم تبد المرأة اي ردة فعل واستمرت بالبكاء فكرر الشاب وقد انفجرت عيناه بالدموع " امي أتسمعينني؟ .. غادري ارجوك .ارجوك لا اريدك ان تري ميتتي البشعة! "
عجبا لذلك الشاب وكأن دفاعاته قد سقطت جميعا - سمات القوة كلها قد اختفت - وفجأة أرتمى بطوله على ذلك الباب وانهار على الارض واستسلم للبكاء بعد ان تمكن منه الحزن
فانخفضت والدته بمستواه واخذت تكلمه والدته بصوت واطئ " لم يجب علي ان افقدك ؟ .. ليس من المفترض ان يموت الابن قبل والدته " واستمر الشاب بالبكاء فوضعت و الدته يدها على الباب
من جهة شعره على الجانب الاخر ورددت بصوت خافت " ولدي .. انت لست شابا سيئا ابدا.. لم كان عليك ان تمر بكل هذا ؟ " رفع الشاب ناظريه لوالدته ببطئ - تلك النظرات التي بدت بريئة جدا -
فوضع يديه بدوره على الباب الزجاجي ايضا ورد عليها بصوت باكٍ " امي لا تحزني علي كثيرا .. ارجوك يجب ان تتوقفي عن البكاء بعد ان اموت " تلك الكلمات قد جعلت الجميع
يتجمدون في اماكنهم و الدهشة قد تمكنت منهم , كيف قد تغير ذلك الشاب بين لحظة واخرى , فأردفت والدته بعدها "بني لا تتركني ارجوك . لن احتمل هذا العالم من دونك .. سأشتاق لك كثيا يا طفلي الغالي .. لن يكون كل شيء كما كان من دونك.. ارجوك لا تتركني ! "
ارتسمت ابتسامة خفيفة على وجه الشاب ورد قائلا " لا تقلقي يا امي سيكون كل شيء بخير " نظر الى يساره بعدها فوجد الشرطيان يقفان بجواره وقال احدهما " هيا , لقد حان الوقت " فحمل الشرطيان الشاب من يديه - كل منهما - واخذا يجرانه بأتجاة الكرسي الكهربائي وناظريه لم تفارقا ناظري والدته طوال تلك الخطوات التي سارها . بدأ الشرطيان يربطان يديه بأربطة الكرسي وتبعا بذلك قدميه
وقبل ان تبدأ عملية الاعدام اخذت حياته تمر امام عينيه - تلك اللحظات التي يمر فيها كل من كان على شفا حفرة من الموت - , اول مرة خطا خطواته فيها و اول يوم في المدرسة واول ضربة تلقاها من والده , الاهانات التي تلقاها منه ,الندوب التي سببتها الحروق التي حصل عليها في سن صغيرة بسببه , صوت والده ضل يتردد في مسامعه " فاشل انت فاشل ما انت غير عبء علي وعلى والدتك " , المرات المتكررة التي ضرب بها والدته بصورة مبرحة . فجأة ! قاطع تلك الذكريات صوت القس وهو يقول " جايكوب الفتى ذو الثامنة عشرة يواجه حكم الاعدام بسبب قتل والده ; سيفقد حياته اليوم . " تلك الكلمات قد اعادت حادثة موت والده البشع الى ذاكرته , كيف دخل الى منزله فوجده مقلوبا رأسا على عقب ودم والدته قد زين الجدران وصراخها قد عم الاجواء ووالده يبرحها ضربا ; اتجه جايكوب مسرعا لانقاذ والدته من يدي والده فبدأ والده بضربه بدوره الى ان حصل جايكوب بضربة على رأسه افقدته وعيه ثم بدأ والده بالسير نحوه ليضربه ضربته الاخيره التي تسبب موته ولكن تقوم والدته بضرب الوالد على رأسه بزجاجة الشراب تسبب موته فيستيقظ الفتى ليجد امه غارقة بدم والده ودموعها قد زينت وجها الدامي " امي ماذا فعلت ! يا الهي ماذا سيحدث لنا الان ؟ .. اذهبي من هنا بسرعه ... اهربي الى اية مكان هيا اذهبي " بعد هروب والدته اخذ جايكوب يمسح بدم والده على جسده ليبعد اي دليل يشير الى فعل والدته الى ان جاءت الشرطه وحدث ما حدث
بدات عملية الاعدام وبدأ القس بقراءة نصوصه ونظرات الشاب ما زالت لم تفارق ناظري والدته الباكية وعيون معارفة تحاول ان تقتنص اخر مشهد للشاب قبل ان يرحل الى الابد .
وقبل ان تبدأ الصدمات الكهربائية ردد الشاب بصوت واطئ " وداعا يا امي " صمت قليلا ثم تابع " وداعا ايها العالم البائس.
انتهت .
.
.
.
.
.
.

اللي عجبته القصة لايك + تعليق حلو + مشاركة ليستفيد غيرك من القصة المؤثرة
.
.
.
لمن يريد النشر في المدونة : اضغط هنا
.
.
.
المصدر : اضغط هنا
.
.
.

اسم الكاتبة : لي يونغ اي

يمكنك زيارة مدونة Th3professionals عن طريق الكتابة في محرك بحث جوجل : Th3prof-web , Th3prof , Th3professionals تسعدنا زيارتك دوماً

1 التعليقات:

اضغط لإضافة التعليقات
omran
Admin
9 ديسمبر 2014 في 9:42 م

قصة مؤثرة جدا لقد اعجبتني شكرا لك

رد
avatar


* بإمكانك إدراج الأكواد الغير قابلة لنشر بتحويله عبر محول الأكواد لتصلك إشعارات ردود هذا الموضوع على البريد الإلكترونى أضف علامة بالمربع بجوار كلمة "إعلامى"


محول الاكوادالابتسامات اترك بصمتك


شكرا لتعليقك

دردشة

comments powered by HyperComments

زوار المدونة الكرام

ابحث في المدونة

تدوينة الشهر

th3professionals

الحلقة 1 من الحصول على فيزا كارد في العراق والبلدان المجاورة

المتابعون

فيديو الشهر

اربح من ملفات الان

th3professionals

موقع جديد للربح من الانترنيت

مدونات تستحق الزيارة

المشاركات الشائعة

اخر التعليقات

اهتماماتنا

Facebook
100%
White Hat Hackers
90%
Windows
68%
Programs
75%
Photoshop/Other Designes
65%
Articles/Games
45%
Blogger/HTML5/JavaScript/Jqeury/css3
30%

تحميل تطبيق المدونة على اجهزة الاندرويد

البلاد الزائرة للموقع

Flag Counter

احصائيات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.